Monday, November 19, 2018

تحذير: قد يكون المحتوى مزعجا

في 23 حزيران / يونيو 2018، بدأت سلسلة من الصور المرعبة بالانتشار في فيسبوك.
أظهرت واحدة من هذه الصور طفلا مصابا بجروح أحدثتها سكين كبيرة في رأسه وفكه، بينما أظهر شريط مصور - تمت مشاهدته أكثر من 11 ألف مرة - جمجمة رجل وهي تكسر.
كما تداول المشاركون صورا لمنازل أحرقت عن بكرة أبيها وجثثا مضرجة بالدماء ملقاة في مقابر جماعية وأطفالا قتلوا في أسرتهم.
إدعى مستخدمو فيسبوك الذين نشروا الصورأنها تظهر مجزرة ما زالت جارية في منطقة غاشيش التابعة لولاية الهضبة (بلاتو) النيجيرية، مضيفين أن المسلمين الفولاني يقتلون المسيحيين المنحدرين من أقلية البيروم المحلية.في حقيقة الأمر، كانت مجزرة قد وقعت فعلا في غاشيش نهاية ذلك الأسبوع، ، فقد قتل عدد يتراوح بين 86 و238 من أفراد أقلية البيروم في الفترة بين 22 و24 حزيران / يونيو حسب تقديرات الشرطة وزعماء محليون.
ولكن بعضا من أكثر الصور التي تم تداولها اثارة للغضب والتقزز لم تكن لها أي علاقة بالعنف في غاشيش. فصورة الطفل المذكورة، والتي نشرت بمعية دعاء إلى الله أن "يقضي على كل جيل قتلة هذا الطفل البريء"، كانت قد نشرت في فيسبوك قبل عدة شهور. أما الشريط الذي يظهر الرجل ذا الجمجمة المكسورة فلم يصور في نيجيريا أصلا، بل في عام 2012 في الكونغو برازافيل على مسافة الف ميل تقريبا من المكان الذي زعم أن الحادث وقع فيه.
ولكن الحقيقة لم تكن مهمة، فالصور تلقفها شباب البيروم في مدينة جوس التي تبعد مسافة ساعات عن المنطقة الريفية التي كانت المجزرة تقع فيها.
ألمحت بعض المداخلات التي نشرت في فيسبوك إلى أن المجزرة تقع في جوس نفسها، وأن سكان المدينة مهددون بهجوم وشيك. لم يتوقف إلا قليلون للتحقق من صحة هذه المعلومات أو لاستقصاء مصادر الصور البشعة التي كانت تنتقل من هاتف إلى آخر.
قال أحد قادة شباب بيروم لبي بي سي، "ما أن شاهدنا هذه الصور حتى أردنا أن نشنق أي رجل من الفولاني يقف إلى جوارنا. ومن لا يساوره هذا الشعور وهو يرى أخيه يقتل أمام عينيه؟"
أسهمت الصور في إثارة جو من الرعب والغضب والدعوات للاقتصاص من الفولاني - جو كان على وشك القضاء على زوج وأب يدعى علي الحجي محمد.
كان علي يعمل بائع بطاطا في جوس، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة.
في 24 حزيران / يونيو، توجه علي إلى بلدة تدعى مانغو للقاء بعض من زبائنه. كانت رحلة مألوفة بالنسبة له، إذ سبق له أن قام بها مئات المرات. غادر علي مسكنه بعد صلاة الفجر بقليل، وكان يأمل في أن يعود مبكرا ليتناول طعام العشاء مع زوجتيه: أمة وأمينة وأطفاله الـ 15.
ولكن لدى عودته في سيارة أجرة استقلها مشاركة مع عدد من الركاب، فوجئ علي بأن الطريق مغلق بحاجز من اطارات السيارات المشتعلة. كانت عصابة من البيروم المسلحين بالسكاكين والسيوف تحقق مع السائقين بحثا عن الفولاني المسلمين.
سحل علي عنوة من السيارة التي كان يستقلها بمعية راكب آخر. وعثر على جثته المتفحمة بعد ثلاثة أيام إلى جانب الطريق العام الواصل بين جوس وأبوجا. وكانت الجثة مشوهة إلى درجة أن زوجتيه رفضتا النظر اليها.كان علي واحدا من 11 رجلا سحلوا من سياراتهم وقتلوا في 24 حزيران / يونيو.
أضرمت النار في بعض من هؤلاء، بينما قتل آخرون طعنا بالسكاكين وتقطيعا بالسيوف. واكتشفت جثثهم في الأيام اللاحقة ملقاة في حفر أو خلف المنازل أو على قارعة الطرق. وقد أحرقت جثث الكثيرين بحيث أصبح من العسير التعرف عليها.